درب الأربعين.. بوابة مصر لإفريقيا بانتظار «قبلة الحياة»

"درب الأربعين" طريق يربط مصر بدول أفريقيا
"درب الأربعين" طريق يربط مصر بدول أفريقيا

كان طريق "درب الأربعين" شريان حياة يربط بين مصر ودول إفريقيا، فهو يمتد غربًا نحو تونس مرورا بليبيا وتحديدًا بلدة الكفرة ويمتد جنوبا حتى مالي، فالطريق عبارة عن مدق جبلي ممتد جنوبًا حوالي ٨٠٠ كيلو متر وغربًا ٥٠٠ كيلو متر، فهو مشروع قومي يربط مصر بإفريقيا ودول المغرب.


سبب تسمية "درب الأربعين"


سمي «درب الأربعين» بهذا الاسم لأن من يرتحلون عليه من بلاد الحبشة والسودان كان يمتطون الجمال وصولا إلى أسيوط، في رحلة تناهز الأربعين يوماً.

قال الرحالة ابن بطوطه عن طريق الأربعين، إنه يبدأ من بلدة أسيوط شمالاً، ومن حد الجنوب عند أسوان كان يمتد الطريق إلى مالي، ثم سلجماسة ماراً بدنقلة وهي من البلاد الكبيرة في السودان، ومنها إلى سول وهي آخر بلاد مالي، ثم على قاعدة كوكو في بلاد البرتو وتمبكتو في مالي، مرورا بولاته ومنها إلى كلباسة، ومن أسيوط كان يخرج إلى السودان الغربي ماراً بالواحات الداخلة والكفرة الليبيا ويتجه إلى السودان ومنها إلى غانا.

 

درب للسياحة الدينية

عرف «درب الأربعين»، بأنه طريق السياحة الدينية، فهو يصل إلى أسيوط ومنها إلى إمبابة بالجيزة ومن الجيزة إلى سيناء ومن سيناء إلى فلسطين وحتى الأردن وأراضي الحجاز، وكذلك الأحباش الذين كانوا يجيئون للحج بكنيسة دير المحرق في أسيوط فهو على طريق درب الأربعين. 

 

شريان تجاري
كما أنه يعتبر الطريق التجاري الأمثل، فكان يمثل طريق عبور الجمال التي تُشترى سواء للنقل أو للأكل، كما نقلت عليه الثروة الحيوانية الماشية القادمة من السودان والحبشة، ودول إفريقيا وكان يحمل العابرين لبيع وشراء رحلات الشتاء والصيف والتي كانت إما في أبريل أو سبتمبر. 

 

بوابة مصر لإفريقيا

وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبالتحديد في عام 2005  كانت هناك محاولات من الدولة بأن يكون «درب الأربعين» هو الرابط لآفاق التنمية في الجنوب بين توشكى والوادي الجديد وشرق العوينات، على أن ينتهي الأمر بأن يكون بوابة مصر الجنوبية لدول إفريقيا، وبالفعل بدأت الدراسات لإقامة عدد من التجمعات السكنية لتوطين الشباب المصري واستصلاح حوالي 12 ألف فدان، تم تدشين قريتين كمرحلة أولى وتم توطين المرحلة الثانية.

 

ملايين الفدادين الخصبة بطريق درب الأربعين.. والمياه متوفرة

وبالفعل بدات الدولة إحياء درب الأربعين، بمشروع تمهيد ورصف طريق «ديروط - الفرافرة» ولكن  المشروع يحتاج إلى رصف الطريق حتى شرق العوينات وأبوسمبل في أسوان ليكون تمهيداً لربط إفريقيا بمصر، وإعادة طرق التجارة الخارجية، كما أن هناك ملايين الفدادين الخصبة على جانبي الطريق والأراضي الصالحة للزراعة والتي ستخلق بعدًا زراعيًا وعمرانيًا جديدًا،  فمنطقة خزان المياه الجوفي في الصحراء الغربية صالحة للزراعة واستصلاح الأراضي. 

 

ربط مصر بالسودان


وفي هذا السياق يقول الباحث السوداني إبراهيم محمد إسحاق، إن الطريق تاريخي يصل مصر بالسودان واشتهر بتجارة الإبل بداية من الفاشر عاصمة إقليم دارفور انتهاءً بإمبابة في محافظة الجيزة المصرية.

 

ربط وادي النيل بممالك غرب إفريقيا

وأضاف إسحاق: «تستغرق القوافل أربعين يوما حتى تصل إلى محطتها الأخيرة في مصر، لذلك فإن الأهمية لدرب الأربعين ليست فقط كونه طريق تجارة بل كونه حلقة الاتصال الثقافي والديني الذي يربط وادي النيل بممالك غرب إفريقيا، وقد سهل وصول الثقافات المختلفة، كما لعب الطريق دورا هاما في التجارة».

 

تصدير الذهب وريش النعام والأحجار الكريمة

ترجع أهمية «درب الأربعين» التاريخية إلى سنين طويلة عرفها التاريخ،  فمنذ عصر ما قبل الأسرات المصرية وقد صورت عدد كبير من الرسومات الصخرية من رسو السفن المميزة لفترة والتي استخدمت لهذه التجارة، وكان يصلهم من مصر المنتجات المصنعة "مصوغات، وأواني المرمر، والآلات المعدنية بالإضافة للزيت، كما كانت تصدر دارفور الأنعام والذهب والعاج إلى مصر، فضلا عن الأبنوس وريش النعام والبخور والأحجار الكريمة وجلود الحيوانات البرية وكانت بعض المنتجات تستخدم في الطقوس الدينية.

 

رحلتا الشتاء والصيف 


في قديم الأزل، كانت قافتا الشتاء والصيف، تبدأن في هذا الطريق في الفترة الممتدة بين شهري سبتمبر وأبريل حيث تنخفض درجات الحرارة في هذه الأشهر، ويزاد الطلب على الجمال في مصر، وعلى الملبوسات القطنية  في دارفور وفي أسواق غرب إفريقيا.

 

وادي هور بدرب الأربعين

الاكتشافات الأثرية في درب الأربعين، اكتشفت وادي هور على نهر قديم بطول 1000 كلم، وكانت مصادر مياهه توجد في هضبة جبل مرة  ويلاقي النيل بالقرب من دنقلا العجوز.

 

الجبرتي يتحدث عن «درب الأربعين»


 يذكر المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي، أن كثيراً من القوافل التجارية التي تسير في هذا الدرب كانت تنزل في رحاب الأمير
 همام بن يوسف الذي كان يكرمها ويحسن ضيافتها مدة إقامتها حتى ولو استمرت مدة إقامتها عدة شهور، وكما كان الأمير همام يساهم في موكب وقوافل الحج التي تسير بهذا الدرب ويرسل الهدايا والعون للحجاج، كان يؤمن هذه القوافل ويحرسها. 

اقرأ أيضا| وفد من "السكة الحديد" يعزي أسر ضحايا حادث مزلقان فزارة| صور